ثورة المعلومات تدفع الفتيات للفضائيات
على الرغم من أن العالم يعيش حاليا ما يسمى بعصر ثورة المعلومات، وتوافر المعلومات في كافة المجالات، إلا أن الفتيات لم يقمن بإستغلال تلك الثورة المعلوماتية بشكل إيجابي، بل تأثرن بما أفرزته العولمة الثقافية، فإنحصرت ثقافتهن في مطالعة أمور قد لا تفيدها في الدنيا والآخرة، وإبتعدن عن الكتاب لصالح الفضائيات، وللأسف إنعكست تلك الأمور على سلوكهن بشكل سيء، فقل إحترام العلماء في مقابل إعلاء شأن المغنيين والفنانين وإتخاذهم قدوة.
ولكن هل هذا الأمر يقتصر على الفتيات فقط دون الشباب، أم أنه يرتبط بجيل من الأجيال أكثر من ارتباطه بذكر أو أنثى، هذا ما سنناقشة خلال هذا التحقيق.
[] أسلوب خاطئ:
في البداية تقول هبة الله.ك: أنا لا أستطيع أن أنكر أن جيلنا يعاني من مشكلة إنحدار ثقافي، فالفتيات يعتبرن الكتاب حملا ثقيلا عليهن، وكل ما يشغل بالهن، هو متابعة الجديد في الأغاني، وإيجادة الشات للفضفضة، وأرجعت ذلك إلى أسلوب التعليم الخاطيء، القائم على التلقين، وليس تشجيع البحث والمعرفة.
نحن نحب القراءة، ولكن ما يجذبنا لمتابعته، هو ما يتم عرض مضامينه بطريقة أكثر جاذبية، وتتناسب مع أعمارنا -بهذه العبارة بدأت هاجر. ز حديثها عند سؤالها عن هل الفتاة فعلا مهمشة ثقافيا؟
فهاجر أكدت على أن الفتاة بالفعل مهمشة ثقافيا، ولا تهتم كثيرا بالثقافة الهادفة، كالعلوم والأدب، وإنما ما يشغل بالها، هى المواد الطريفة والمسلية.
[] وسائل الإعلام السبب:
أما لمياء. ج فتقول: للأسف وسائل الإعلام هي المسئول الأول عن تهميش ثقافة الشباب، فهي تقوم بإستخدام كافة أساليب الجذب في عرض مضامين غير هادفة للشباب على خلاف الوسائل المستخدمة في عرض المضامين الثقافية والعلمية الهادفة
وإستطردت قائلة: وسائل الإعلام لم توظف قدراتها وامكاناتها في تحقيق طموحات وتطلعات الفتيات في الجامعة أوغيرها..فالبرامج الثقافية مازالت محدودة الفاعلية فكيف نحقق التوازن المطلوب في وجود فتيات جامعيات مثقفات ثقافة متميزة لا ثقافة إستهلاكية..
وأشارت رانيا.م إلى أن الطالبة الجامعية، لم تتمكن بالفعل من مواكبة التطور الثقافي، على الرغم من إتاحة كافة وسائل المعرفة لها، لإقتصار إهتمام العديد من الفتيات، على كيفية الحصول على الشهادة الجامعية، والإرتباط بالزوج المناسب.
وتساءلت فاطمة قائلة: أين المنتديات الفاعلة، والمواقع التي تخاطب فكر الشباب بموضوعات مهمة؟ مشيرة إلى أن المنتديات التي تتواجد الآن، يقتصر إهتمامها على مناقشة موضوعات سطحية، تهتم بالقشريات، ولا تخلق إهتماما حقيقيا بالثقافة، فهى تشيع في المجتمع الثقافة السطحية التي لا تخلق جيلا مثقفا.
ورأت هيام. س أن الظروف الإجتماعية لها دور كبير في تهميش ثقافة الفتاة، حيث غلاء المعيشة، وعدم قدرتها على شراء الكتب، التي تتزايد أسعارها يوما بعد يوم.
وبدورها أشارت منى. ع إلى ضرورة تعليم الفتاة تعاليم دينها، وأن يكون لديها ثقافة متكاملة من الدين والأخلاق، ورأت أن هذا لا يمكننا تحقيقه، إلا ببصمات تزرعها الأسرة المتماسكة في أبنائها، لأن تعلم مثل هذه المبادئ الأخلاقية، حماية للفتاة من الإنحراف.
[] الإتهام حقيقي:
ويرى الكاتب والأديب فريد معوض،أن هذا الإتهام فيه بعض الحق، فهناك نسبة قليلة جدا من الفتيات، اللاتي نستطيع القول بأنهن مثقفات، والغريب أن تجد فتاة متفوقة دراسيا، وعند مناقشتها في موضوع ثقافي، تجدها لا تستطيع التحدث، وليس لديها أي رغبة في الاشتراك في أي عمل ثقافي أبدا، وكل ما يشغل بالها، هو كيفية الحصول على الدرجات العليا، التي تؤمن لها مستقبل باهر، وتجعلها تفوز بالزوج المناسب.
وأرجع معوض السبب، إلى نظام التعليم القائم على التلقين، وليس البحث والمعرفة، وكذلك النظرة الدونية للمرأة، فمازالت المجتمعات الشرقية تنظر للمرأة على أنها فقط لبيت الزوجية، وعندما يشرع الأب في تعليم إبنته، يكون هدفه الأساسي، تمهيد سبل الحياة لها، لتفوز بشخص ما له حيثية معينة، ووضع إجتماعي مميز.
وأكد على أن هامشية ثقافة الفتاة، ليست غباء منها بقدر ما هو قلة الفرص التي تتاح لها، كأن تحرم من مشاركتها في أحد الأنشطة الثقافية، أو الإبداعية، أو بسبب معايشتها لظروف إقتصادية صعبة، وأكد على أن لنشأة الفتاة دور كبير وحيوي وراء نبوغ الفتاة، فالأب هو زعيم القبيلة، وهو من يصدر قراراته، وعندما يكون هناك ديمقراطية، وحرية رأي، وشورى بين أفراد الأسرة، تفرز هذه الأسرة عناصر نسائية متميزة، وتابع يوجد في التاريخ المصري العديد من الشخصيات النسائية المتميزة، مثل بنت الشاطئ الدكتورة عائشة عبد الرحمن، والكاتبة إعتزال خليفة وغيرهن..
وأشار إلى أن الفتاة إذا كانت لديها العزيمة، والإصرار على تثقيف نفسها، فستنجح في ذلك، عن طريق حرصها على متابعة كل ماهو جديد في شتى نواحي الحياة، ويكون هذا، إما بمتابعة البرامج الهادفة في التليفزيون، أو الذهاب إلى المكتبات العامة وغير ذلك.
[] إعادة نظر:
وعن سبل حل هذه الأزمة يقول معوض لابد من إعادة النظر في العملية التعليمية برمتها، وعلى المدارس أن تقوم بإعادة النشاط اللامنهجي، وإصدار المجلات الطلابية، وتشجيع الطلاب على حب البحث عن المعرفة، من خلال العمل الجماعي لإنتاج أعمال تستقي معطياتها من ينابيع الثقافة المختلفة، ويجب علينا العمل على تنمية حب الثقافة لدى الأطفال منذ الصغر.
وأكد على ضرورة زيادة الوعي لدى الأهل، والمدارس بأهمية خلق البيئة المشجعة على الثقافة، والإبداع، وذلك بغرس حب الثقافة لديهم، وتعويدهم على القراءة في مختلف المجالات. أما بالنسبة للشباب أنفسهم، فبداية يجب على المجتمع والمثقفين عدم نبذهم، وإشعارهم بأنهم جيل هاوٍ لا رجاء منه، بل يجب بث الأمل في صدورهم، ومساعدتهم على تعديل وجهتهم من الإهتمام بالمضامين غير المفيدة، إلى الإهتمام بكل ما هو جدي ومفيد، وفق ما يتناسب مع ميولهم وهواياتهم.
الكاتب: رشا أحمد.
المصدر: موقع رسالة المرأة.